محمد بن سلمان في واشنطن: تحديد مستقبل الشرق الأوسط
يستعد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لزيارة البيت الأبيض خلال الأسبوع المقبل، في لقاء يحمل تداعيات استراتيجية على مستقبل الشرق الأوسط والعلاقات الأمريكية السعودية. هذه الزيارة تأتي في ظل تطورات جيوسياسية معقدة تتطلب إعادة تقييم التحالفات الإقليمية.
إعمار غزة كأولوية استراتيجية
تتصدر مسألة إعمار قطاع غزة جدول أعمال المحادثات، مع تنافس واضح بين نموذجين للتسوية: الأول بقيادة السعودية والإمارات، والثاني بتوجه تركي قطري. إدارة ترامب تسعى لتجاوز هذا التنافس لصالح حل شامل.
تشترط الرياض وأبو ظبي مشاركتهما في عمليات الإعمار بوقف نار مستدام، وانسحاب إسرائيلي تدريجي، ونزع سلاح حماس، ومنح صلاحيات الحكم للسلطة الفلسطينية أو هيئة ذات شرعية دولية. هذه الشروط تحظى بقبول إسرائيلي نسبي، باستثناء دور السلطة الفلسطينية.
الشراكة الاستراتيجية الأمريكية السعودية
تعود جذور العلاقة الأمريكية السعودية إلى اللقاء التاريخي بين الرئيس روزفيلت والملك عبد العزيز آل سعود في سبتمبر 1945 على متن سفينة حربية أمريكية في قناة السويس. كان الاتفاق يقوم على معادلة النفط السعودي مقابل الحماية الأمنية الأمريكية.
اليوم، تختلف المعطيات جذرياً. إسرائيل أصبحت قوة إقليمية راسخة، والولايات المتحدة لم تعد القوة العظمى الوحيدة، وإيران النووية تشكل تهديداً مشتركاً للدول العربية وإسرائيل على حد سواء.
المطالب السعودية والتحديات الأمريكية
تطالب السعودية بتكنولوجيا عسكرية متطورة تشمل طائرات F-35، واتفاق دفاع متبادل، وربما الموافقة على تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية. هذه المطالب قد تواجه معارضة في الكونغرس الأمريكي، رغم التوجه المتزايد لمواجهة التهديد الإيراني.
تبقى القضية الفلسطينية عاملاً حاسماً في المعادلة. مكانة السعودية الرفيعة في العالمين العربي والإسلامي تحتم عليها موقفاً مميزاً من هذه القضية، مما يتطلب حلولاً إبداعية من جميع الأطراف.
الرؤية الاستراتيجية لمحمد بن سلمان
يدرك ولي العهد السعودي أن التكامل الإقليمي بدون إسرائيل لن يحقق الإمكانات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية المطلوبة، إضافة إلى تعزيز القدرات العسكرية في مواجهة التهديد الإيراني.
القيادة السعودية الشابة والبراغماتية قد تتخذ مواقف جديدة حول غزة والقضية الفلسطينية عموماً، في إطار التكامل الإقليمي تحت المظلة الأمنية الأمريكية.
لن تكشف زيارة واشنطن كل الإجابات، لكنها ستحدد المؤشرات والاتجاهات المستقبلية لخريطة الشرق الأوسط الجديدة.