شبان لبنانيون يقاتلون مع الشيشان في أوكرانيا بحثاً عن الرزق
تكشف تقارير ميدانية جديدة عن ظاهرة مقلقة تتمثل في التحاق عدد من الشبان اللبنانيين بالوحدات الشيشانية التي تقاتل ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، مدفوعين بالأزمة الاقتصادية الخانقة في لبنان.
تجنيد منظم عبر الشبكات الرقمية
تشير المعلومات الميدانية إلى أن شباناً من شمال لبنان والبقاع ينخرطون في هذا القتال تحت الراية الروسية، حيث تتم عمليات الاستقطاب بشكل منظم عبر الإنترنت منذ الأسابيع الأولى للحرب الروسية الأوكرانية.
وتحولت المنصات الرقمية إلى قنوات تجنيد فعالة، تقدم تسهيلات شاملة تشمل التأشيرات وحجز الرحلات ونقل المجندين مباشرة إلى المعسكرات الروسية، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "نداء الوطن".
الدافع الاقتصادي يتفوق على الإيديولوجي
يؤكد الخبراء أن الغالبية العظمى من هؤلاء المقاتلين تتحرك بدافع اقتصادي بحت، حيث يتقاضى المقاتل اللبناني نحو 1100 دولار شهرياً، بينما يحصل ذوو القتيل على تعويض يقارب ثمانين ألف دولار.
وفي بلد يشهد انهياراً اقتصادياً حاداً وتآكلاً في الطبقة الوسطى، تبدو هذه المبالغ بمثابة نافذة نجاة للشباب العاطل عن العمل، رغم المخاطر الجسيمة المترتبة على هذا الخيار.
حالات اختفاء متزايدة
تتزايد حالات الاختفاء في مناطق شمال لبنان والبقاع، حيث يبلغ الأهالي عن فقدان أبنائهم منذ عدة أشهر. ومن بين الأسماء المذكورة: عبد الكريم س.، محمود ح.، عمران ع.، ومحمد ك.
ويثير هذا الغموض المستمر تساؤلات حول كفاءة آليات التتبع وحقوق العائلات في متابعة المختفين، خصوصاً في ظل غياب أي جهة رسمية تقدم توضيحات أو تتدخل لمعالجة الوضع.
تدريب مكثف على الخطوط الأمامية
يتلقى الوافدون الجدد تدريبات مكثفة داخل معسكرات روسية شيشانية تضم مقاتلين من جنسيات متعددة. وغالباً ما يُدمج اللبنانيون المسلمون في الوحدات الشيشانية على الخطوط الأمامية، حيث يبلغ الاشتباك أعلى درجاته.
ويشمل التدريب حرب المدن، استخدام المسيرات، الرمايات الليلية، والاقتحامات المباشرة، مع سرية تامة تحكم حركة الأجانب داخل الجبهات.
ظاهرة عابرة للحدود
أوضحت المحامية ريتا بولس أن منظمات حقوقية ومؤسسات إعلامية دولية رصدت توسعاً في تجنيد الأجانب ضمن الجيش الروسي، مشيرة إلى أن لبنان أصبح من بين الدول التي تُسجل فيها حالات مفقودين وضحايا.
وتشير تقارير إلى نماذج مشابهة في العراق وأفريقيا، حيث أعلنت كينيا أن مئتي مقاتل من مواطنيها يخدمون مع الروس، بينما تتحدث أوكرانيا عن 1400 مقاتل أفريقي من ثلاثين دولة.
انعكاس للأزمة الداخلية
يؤكد مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، ديمتري بريجع، أن تجنيد الأجانب في الجيش الروسي لم يعد حالات فردية، بل عملية منظمة عبر شبكات عابرة للحدود تستغل البطالة والانهيار الاقتصادي في لبنان.
وأشار إلى أن انضمام لبنانيين إلى وحدات شيشانية ليس مجرد حدث عابر، بل يعكس واقعاً اجتماعياً واقتصادياً منهاراً في لبنان، حيث يطارد الشباب حلماً بمستقبل أفضل فيصطدمون بحدود غامضة لا يعرفون نهايتها.
وتكشف هذه الأزمة عن هشاشة الدولة اللبنانية أمام شبكات التجنيد الدولية، لتتحول معاناة الوطن إلى وقود لصراعات الآخرين، تاركة وراءها عائلات تنتظر صوتاً يعود أو جثماناً بلا هوية.
