وسطاء دوليون يسعون لإنقاذ هدنة غزة وسط تصعيد إسرائيلي متزايد
في ظل مشهد جيوسياسي معقد يجمع بين التصعيد العسكري والجمود الدبلوماسي، تواجه غزة واقعاً صعباً بين هدنة هشة وأزمة إنسانية خانقة. الوسطاء الدوليون يكثفون مساعيهم لإنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار قبل انزلاق الأوضاع نحو سيناريوهات مفتوحة، خاصة مع تزايد الخروقات الإسرائيلية للاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر الماضي.
قطر تحذر من التلاعب بالاتفاق
حذرت الدوحة من السماح لإسرائيل بعرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق تحت ذرائع مختلفة، مؤكدة في بيان رسمي أن السلام المستدام يتطلب الالتزام الكامل ببنود الاتفاق وليس انتقائيتها. الهدف الحالي، بحسب المسؤولين القطريين، هو الحفاظ على الهدنة بما يكفي للتوصل إلى حل سياسي شامل.
إحباط فلسطيني من أداء الوسطاء
كشفت مصادر في حركة حماس وعدة فصائل فلسطينية عن حالة إحباط متزايدة بسبب ما تصفه بـعجز الوسطاء عن إلزام إسرائيل ببنود الاتفاق، مقابل تصعيد ممنهج يهدف إلى فرض وقائع جديدة على الأرض.
وأشارت المصادر إلى أن تل أبيب تتصرف وفق أهوائها، ساعية لإظهار أنها فوق القانون وغير قابلة للضغط أو الالتزام بأي تفاهمات، ما يتجلى في تكثيف الخروقات اليومية للهدنة واستمرار التصعيد العسكري في عدة مناطق من القطاع.
استراتيجية المقاومة الدبلوماسية
رغم تنامي الإحباط، أكدت المصادر وجود إجماع داخل القيادة الفلسطينية والقواعد الشعبية على ضرورة تجنب العودة إلى الحرب والامتناع عن الرد العسكري، حرصاً على عدم انهيار الهدنة وعودة العمليات الواسعة التي ستكلف غزة ثمناً إنسانياً باهظاً.
وأوضحت أن المقاومة قادرة على الرد، لكنها تدرك أن إسرائيل تحاول جرها لاستئناف الحرب بما يضمن بقاء حكومة نتنياهو، لذا تفضل التمسك بالمسار الدبلوماسي ومراقبة تحركات الوسطاء.
عقد المرحلة الثانية والشروط الإسرائيلية
فيما يخص الانتقال إلى المرحلة الثانية، أبلغت حماس الوسطاء أنها لا تعارض هذه الخطوة، لكنها ترى أن العقدة الأساسية لدى إسرائيل تكمن في ربط الانتقال بشروط عدة، منها مصير سلاح المقاومة والجهة التي ستتولى إدارة القطاع، إضافة إلى ربط عملية إعادة الإعمار بتسوية سياسية تُصاغ وفق مخططات أمريكية-إسرائيلية.
تسعى الحركة لعقد اجتماع وطني فلسطيني شامل بمشاركة فتح والسلطة وباقي الفصائل للوصول إلى توافق حول القضايا الملحة. القاهرة تعمل على الترتيب لهذا الاجتماع، لكن مشاركة فتح لا تزال غير مؤكدة.
التصعيد الميداني مستمر
ميدانياً، واصل الاحتلال الإسرائيلي تصعيده العسكري في قطاع غزة، حيث شهدت رفح وخان يونس وشرق غزة وغرب القطاع عمليات قصف مدفعي وغارات جوية ونسف للبنى التحتية، إضافة إلى عمليات استهداف من مسيرات وزوارق بحرية.
قال الناطق باسم حماس، حازم قاسم، إن هذه الخروقات تثبت أن العدوان لم يتوقف وإنما تغيرت وتيرته، مؤكداً أن إسرائيل تعمد إلى القتل واستهداف المدنيين لإبقاء القطاع في حالة ضغط دائم.
الأزمة الإنسانية تتفاقم
على الصعيد الإنساني، أكدت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية ومنظمة يونيسف أن الوضع الإنساني لم يشهد أي تحسن يُذكر رغم مرور أسابيع على سريان وقف إطلاق النار. لا يزال إدخال المساعدات الإنسانية عند الحد الأدنى، بينما تقتصر غالبية الشاحنات الداخلة على التجارة الخاصة.
حذرت يونيسف من أن فصل الشتاء يفاقم انتشار الأمراض وسوء التغذية، خاصة مع وجود أكثر من 9300 طفل تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، ما يتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً لتجنب كارثة إنسانية أوسع.
